العنوان مقتبس من عبارة لمونتسكيو صون الحرية من الابتذال ” حين قال
” إن ممارسة الحرية من قبل أكثر الشعوب تمسكا بها تحملني على الاعتقاد بوجود أحوال ينبغي أن يوضع فيها غطاءً يستر الحرية مثلما تُستَر تماثيل الآلهة “، فالتفاهة والابتذال والسخافة تكاد تكون مصطلحات متقاربة في المفاهيم، والابتذال هو مستوى من مستويات انحطاط الإنسان حين لا يمتلك زادا ثقافيا يمتلئ بها أو سلوكا حضاريا يسير عليه أو رؤية مستقبلية يتقدم نحوها، إنه المسخ الخَلْقي والخُلُقي والبشاعة الروحية والحقارة الفكرية.
وللفظة ابتذال في المعاجم اللغوية ما يدل على حقيقة اللفظة ومدلولاتها فهناك الكلام المبتذل والأسلوب المبتذل والتعبير المبتذل وكل ذلك يدل على معنى التدني والانحطاط والبعد عن الحياء والسمو والعلو لذلك أصبح اليوم مع تنامي وسائل التواصل الاجتماعي هيمنة الابتذال وإننا نشاهده ونسمعه ونلاحظه فهو يكاد يحاصرنا من كل الجهات مما جعل الكاتب الاسباني ” كارلوس زافون ” يصرخ قائلا : ” إن العالم لن يفنى بسبب قنبلة نووية كما تقول الصحف، بل بسبب الابتذال والإفراط في التفاهة التي ستحول العالم إلى نكتة سخيفة ”
ويرى عباس محمود العقاد بأن الابتذال في اللغة هو حين تقع في التكرار وتكرر نفسه الكلام فلا تجد ما تقوله إلا الكلام الذي قلته سابقا ألا ترى بأن بعض التافهين المبتذلين من أمثال زيطوط وأمير ديزاد وهشام عبود وعبده سمار وغيرهم ممن رتعوا في التفاهة يكررون نفس الكلام ” الجنيرلات ونظام الجنيرالات ومعهم ممن يسوقون لهم ويعرضون بضاعتهم المزجاة يكررون معهم نفس العبارة، إنه القهر الفكري والعجز الايديولوجي ولا بديل لهم إلا تكرار المبتذل من الفكرة ومن اللغة .
ما يوجد ما هو أفظع وأكثر مدعاة للإكتئاب من الابتذال ” أنطوان تشيخوف
تصدق هذه العبارة التي استطاع من خلالها تشيخوف أن يشرح خطورة الابتذال بأنه مولد للهم وللكآبة فهم مرضى يعانون، والخطاب الديمقراطي البائس مع الاعتذار لكلمة الديمقراطية هنا، يشكل حالة مبتذلة لديمقراطيين مبتذلين فكريا ونفسيا واجتماعيا ولغويا ديمقراطيين في العفن الفكري فاستهلاك الشعارات وإعادتها هو من صميم عملهم اليومي الذي يعتدون عليه، فيتحول الخطاب إلى تابل يتذوقه المتابعون لهم في تلذذ مع إضافات ابتذالية من اللعبة المتقنة .
لعبة الابتذال الديمقراطي
يصبح الابتذال لعبة يستلذ بها أصحابها من أمثال ” زيطوط وعبده سمار وهشام عبود والمازدا وحتى بعض الصحفيين والديمقراطيين المائعين ” فتتحول عندهم لعبة الابتذال إلى حياة يعيشونها ويمارسونها ويدعون إليها وهؤلاء ما كان لهم أن يختلقوا هذه اللعبة القذرة لولا توفر المناخ الاجتماعي لهم، فحين يصاب الجسد الاجتماعي بالفساد يرتع هؤلاء فيصبح الشأن العام عندهم الغاية التي ينطلقون منها وعندها نصبح أما معادلة على نحو ما قال جمال الدين الأفغاني وهي:
” كل مرتفع يقاوم الجاذبية الأرضية، فيما كل منحدر يسلم نفسه بيسر إليها “
ولا يمثل هؤلاء في إطار اللعبة إلا المنحدر الذي يهوي بالعامة دون وعي منها أو هي في وعي ولكنها راكمت كمية من الحقد والكره للمجتمع فتنقاد نحو الهاوية غارقة في السلبية فتستسلم لسحر اللعبة .
خصائص لعبة الابتذال
من أهم خصائص التي أصبح يتقنها هؤلاء بالممارسة والتعود ومعرفتهم بالفئة المستهدفة التي يطلون عليها يوميا أو أسبوعيا أو في كل حين عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت المفرخة والمفرغة لهم والتي تبيض الآلاف من المتابعين وتفرخ فتارة تزيد وتارة تموت وتارة تنقص وهي أي هذه الزمرة من المبتذلين الديمقراطيين تستعمل في خطابها المبتذل لغة وفكرة خصائص التزمت بها وهي :
القصّ أو الميتوس ضحالة المتحدث وافتراض المتحدث لضحالة المتلقي
اللغة الخشبية تتمثل في اللغة الجوفاء والنطق بتحصيل الحاصل القائم على الحشو وتكرار الألفاظ وعدم إضافة معرفة جديدة فكل ما يمتلكه ألفاظ زائدة على أصل المعنى .
التبسيط الخطر وهنا نعني به التبسيط الذي يزيد عن حده الذي يجعل السذج تبدو لهم الدولة وإدارتها بالأمر الهيّن ويمكن لهم قيادتها مما يجعلهم يتطاولون ولا يقف عندهم حد فيصبح المنصب مشاع لعامة الناس .
بعض الأفكار مقتطفة من كتاب التفاهة ” آلان دونو “